المهندس نجاح قمحاوى يكتب : “ثورتنا ” بين الفقر والجهل والجوع

12

download (1)

 “الدولة يجب أن تتبع المواطن لا أن تقوده “

هكذا أثبتت التجارب وعندما نعالج موضوع الدولة واستقرارها  يجب علينا أن نتذكر أولا  بأن نظمها وقوانينها  ليست أزلية أو ضربا من الخيال  ويمكن أن تتغير، ونستطيع أن نسن مثلها بل أفضل مثلها

غير أن السياسة  بصفة عامة تقوم على أسس ضرورية  ولا يمكن أن تعامل باستخفاف. والحكماء يدركون، أن التشريع السخيف حبل من الرمال، يتلاشى عند لفه

ومن خلال متابعتي للأحداث والتجارب السابقة وضح ان التفسير الوحيد الذي أجده مناسبا لاستمرار الحكام في رفضهم للتغيير ومحاولتهم سن قوانين جديدة تقيد حرية التفكير هو الخوف من تغيير الأوضاع الاجتماعية  التي استراحت إليها مصلحة هؤلاء الحكام. وعندنا فى مصر أناس يعيشون نجحت خط الفقر وظروفهم الاجتماعية اشد قسوة

فالقصة أن هناك فريقا بين الناس، لا عمل له غير الحكم. ويحتاج الحاكم لإخضاع الآخرين بالعنف، إلى جهاز خاص، متعدد الأغراض والواجبات، هدفه في النهاية، ضمان استمرار سيادة الطبقة الحاكمة، وخضوع طبقة المحكومين.

هذه الطبقة من الحكام والأثرياء، ظهرت عندما ظهر انقسام المجتمع إلى طبقات، أي إلى جماعات يمتلك بعضها على الدوام عمل الآخرين. فهي لم تأت من السماء. وبهذا الانقسام تحول بعض الناس إلى محكومين، والبعض الآخر إلى اختصاصيين في الحكم، يضعون أنفسهم فوق المجتمع، ويطلق عليهم اسم الحكام أو ممثلي الدولة.

ففي جميع العصور، التي وجدت فيها الدولة، كان يوجد على الدوام، فريق من أشخاص يحكمون، وينهون، ويأمرون، ويسيطرون، وفي أيديهم للإبقاء على سلطتهم جهاز للقسر والعنف  سواء كانت العصا البدائية، أو الخنجر الحجري في عصر العبودية أو السلاح الناري، الذي ظهر في العصور الوسطى، أو السلاح الذري في القرن العشرين، وما بعده

غير أن بعض الشعوب ثارت على التقاليد الرجعية غير الديمقراطية، كما حصل في الثورتين، الأمريكية والفرنسية، بينما استمرت بعض الشعوب ، تحارب كل أشكال التحول الديمقراطي، وتستخدم الدين والتراث الإسلامي، مرتكزا لسياسة الحكم والاستبداد، وتستعين بأجهزة الترهيب، والنفي، والتنكيل، والحرمان الاقتصادي، ضد النشطاء السياسيين، وضد الكتاب والمفكرين، الذين يؤسسون لوعي جديد، يقود إلى التحول الديمقراطي، وتلزمهم السير في الاتجاه الذي يعزز تقاليد الطبقة الحاكمة، ووصف المحكومين بالجهل، والحماقة، وعدم المعرفة.

  فالثورة في البلاد العربية، ضد الآراء السياسية، والاقتصادية، والدينية، والثقافية، وهي ليست ضد أشخاص بعينهم، وإنما ضد أشكال الفكر الجاهز، الذي ورثناه عن الآباء والأجداد، وتعلمنا فيه أكبر خطأ في تاريخنا وهو” واجب الطاعة”. مع أن الدخول في طاعة الله، يبدأ بلفظة ” لا “.

ويسعى الحكام إلى التضييق على دعاة الأفكار الجديدة، لأنهم يقلقون الشعب في استقراره، وهو استقرار الفقر، والجهل، والجوع . فالسياسة عندهم أن تلغي الثورة، وتدعو إلى التقاليد، لان التقاليد لا تتفق مع الثورات.

التعليقات مغلقة.