احمد رشوان يكتب : من إسقاط “الملكية” لـ”عزل مرسى”.. أشهر 9 خطب غيّرت مجرى تاريخ المصريين

43

 

 

 

 

كلمات بسيطة موجهة للشعب، كانت كفيلة بتغيير مجرى التاريخ كله” هذا هو ما شهدته مصر طوال العقود السابقة التى كانت حافلة بمجموعة من الخطب الرسمية التى ألقاها أصحاب السلطة والقول الفصل فترتب عليها نتائج بعضها ايجابى وبعضها سلبى، ولكن لا شك إنها ستبقى خالدة فى ذاكرة التاريخ والشعوب أيضا، ومن بين تلك الخطب المدونة فى سجل التاريخ :

1) إعلان مصر جمهورية وإسقاط النظام الملكى :

سيبقى صوته الذى اطل على الشعب من المذياع ، مميزا وخالدا عندما أعلن لهم عن نجاح حركة الضباط الأحرار فى 23 يوليو 1952 وتحول مصر من النظام الملكى إلى الجمهورى، فكلما ذكر تاريخ الثورة أو دار حديث عنها تذكر الجميع كلمات الرئيس الراحل محمد أنور السادات التى ألقاها من مبنى الإذاعة وقتها ودخلت بيت كل مصرى وقال فيها: اجتازت مصر فترة عصبية فى تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم، وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير على الجيش، وتسبب المرتشون والمغرضون فى هزيمتنا فى حرب فلسطين، وأما فترة ما بعد هذه الحرب فقد تضافرت فيها عوامل الفساد وتآمر الخونة على الجيش، وتولى أمرهم إما جاهل أو خائن أو فاسد، حتى تصبح مصر بلا جيش يحميها وعلى ذلك فقد قمنا بتطهير أنفسنا وتولى أمرنا فى داخل الجيش رجال نثق فى قدرتهم وفى خلقهم وفى وطنيتهم، ولابد أن مصر كلها ستلقى هذا الخبر بالابتهاج والترحيب”.

وكانت النتيجة المترتبة على ذلك، هو إصدار الملك فاروق المتولى إدارة شئون البلاد وقتها بيانا تلاه أعلن فيه نزوله على رغبة الشعب وتنازله عن الحكم لصالح ابنه الملك أحمد فؤاد التانى بعد انقلاب الضباط الأحرار عليه حتى تولى الرئيس الراحل محمد نجيب مجلس الوصايا الملكى ومن بعده أصبح أول رئيس للجمهورية.

2) خطبة عبد الناصر لتأميم قناة السويس:

فى 30 يونيو 1956 ، خرج الرئيس الراحل جمال عبد الناصر على جموع الشعب المصرى؛ ليعلن أمامه تأميم قناة السويس أى نقل ملكيتها من الحكومة الفرنسية إلى نظيرتها المصرية مقابل تعويضات تمنح للأجانب.

فى هذا اليوم قرأ الرئيس الراحل بيانا طويلا بدأه بجملته الشهيرة : “بسم الأمة .. رئيس الجمهورية .. تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية .. “، وكان هذا القرار نتيجة لامتناع البنك الدولى عن تأميم مشروع بناء السد العالى وقتها وكان هذا القرار أيضا سببا للعدوان الثلاثى الذى شهدته مصر بعد ذلك من قبل بريطانيا وفرنسا وإسرائيل .

3 ) تنحى عبد الناصر بعد نكسة 1967:

عقب نكسة يونيو 1967 لم يتحمل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وقع الهزيمة على نفوس الشعب فبادر بإعلان تنحيه وحمل نفسه قدرا كبيرا من المسئولية لما حدث وقرر العودة لصفوف الشعب كمواطن عادى فيه، وألقى خطبته الشهيرة التى قال فيها بعد سرد تفاصيل الحرب على مصر: ولقد اتخذت قراراً أريدكم جميعاً أن تساعدونى عليه: لقد قررت أن أتنحى تماماً ونهائياً عن أى منصب رسمى وأى دور سياسى، وأن أعود إلى صفوف الجماهير، أؤدى واجبى معها كأى مواطن آخر.

كان عبد الناصر أول رئيس يُحمل نفسه جزء من الضرر الذى يقع على بلاده ويحاسب نفسه على انه كان مقصرا فى حقها فيقرر أن يترك منصبه ، فترفض جموع الشعب ويخرج فى كافة الشوارع والميادين ليعلن رفضه لهذا القرار ومساندته لرئيسه وقت المحن والأزمات فيتراجع عبد الناصر عن هذا القرار نزولا على رغبة شعبه ويبدأ عهد جديد من الانتصارات يبدأ مع تخطيطه لحرب أكتوبر 1973 التى نفذها بعده الرئيس الراحل أنور السادات .

4) خطبة السادات فى الكنيست الإسرائيلى:

فى 20 نوفمبر 1977 ، كان خطاب الرئيس الراحل أنور السادات داخل الكنيست الإسرائيلى داعيا للسلام على الرغم من أنه كان منتصرا فى حرب أكتوبر 1973، فى هذا اليوم بدأ السادات خطبته بإلقاء تحية الإسلام واستغلها مدخلا للحديث عن السلام وضرورة نشره فى المنطقة العربية ووقف النزاعات والحروب قائلا: اسمحوا لى أولا أن أتوجه إلى السيد رئيس الكنيست بالشكر الخاص، لإتاحته هذه الفرصة؛ لكى أتحدث إليكم، وحين أبدأ حديثى أقول:

السلام عليكم ورحمة الله، والسلام لنا جميعا، بإذن الله. السلام لنا جميعا، على الأرض العربية وفى إسرائيل، وفى كل مكان من أرض هذا العالم الكبير، المعقَّد بصراعاته الدامية، المضطرب بتناقضاته الحادَّة، المهدَّد بين الحين والحين بالحروب المدمِّرة، تلك التى يصنعها الإنسان، ليقضى بها على أخيه الإنسان. و فى النهاية، وبين أنقاض ما بنَى الإنسان، وبين أشلاء الضحايا من بنِى الإنسان، فلا غالب ولا مغلوب، بل إنَّ المغلوب الحقيقى دائما هو الإنسان، أرقى ما خلقَّه الله. الإنسان الذى خلقه الله، كما يقول غاندي، قدّيس السلام، “لكى يسعى على قَدَميه، يبنى الحياة، ويعبد الله”.

وترتب على تلك الزيارة توقيع اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام ولكن قررت عدد من الدول العربية اتخاذ موقف معادى تجاه مصر بسبب مبادرتها الفردية للسلام مع إسرائيل.

5) خطاب مبارك العاطفى لإخلاء ميدان التحرير:

طريقة انتهجها الرئيس الأسبق حسنى مبارك؛ لاستعطاف الناس وحثهم على إخلاء الميادين وفض اعتصامهم بعدما خرجوا جميعا مطالبين برحيله وإسقاط نظامه ومتمسكين بهذا المطلب دون غيره، فى الأول من فبراير 2011 خرج مبارك على الناس فى خطاب جماهيرى استعطافى من الدرجة الأولى قال فيه انه لم يكن ينتوى الترشح لفترة رئاسية جديدة ، وانه سيبقى مصر يموت على أرضها ولن يتركها يوما وسيشهد التاريخ بما كان له وما كان عليه ، وبعد أن سمع الناس هذا الخطاب بالفعل بدأوا يتعاطفون معه وظهرت فكرة الانسحاب من الميادين وإعطائه فرصة لإكمال مدة رئاسته كاملة والتى كانت ستنتهى بعد أشهر قليلة.

ولكن شىء ما حدث فى اليوم التالى مباشرة جعل الشعب يتمسك أكثر بعزله وهو ما عُرف تاريخيا باسم موقعة الجمل عندما هاجم أنصار الرئيس الأسبق ميدان التحرير وتهجموا على المعتصمين فى محاولة منهم لإخلائه.

6 ) “سليمان” يعلن تنحى “مبارك” وتولى الجيش إدارة شئون البلاد:

” لقد قرر الرئيس محمد حسنى مبارك.. تنحيه عن منصب رئيس الجمهورية وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد”.. هكذا جاءت كلمات اللواء الراحل عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق ، ورئيس جهاز المخابرات العامة لأسبق ، يوم 11 فبراير 2011 ليعلن تنحى الرئيس الأسبق حسنى مبارك عن منصبه ، هنا سادت مصر فرحة عارمة لسقوط نظام استمر طيلة 30 عاما قابع على أنفاسهم عانوا فيه من ويلات الذل والحسرة وبالفعل تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد طوال عام ونصف شهدت مصر خلالها أحداث كثيرة تسببت فى مدح الجيش تارة وانتقاده تارة أخرى حتى تم تسليم السلطة لأول رئيس مدنى وهو الرئيس السابق محمد مرسى .

7) خطاب ” مرسى ” فى الاستاد وقتل الشيعة:

عندما تيقن الرئيس السابق محمد مرسى، أن دعوات التظاهر والخروج فى الشوارع والميادين يوم 30 يونيو ليست مجرد أحاديث فارغة وأن جزءا كبيرا من الشعب يستعد لهذا اليوم حقيقة، واتضح هذا فى عدد المواطنين الموقعين على استمارة تمرد لسحب الثقة من الرئيس والذين تجاوز عددهم 15 مليونا فى فترة وجيزة، دعا مرسى لحضور خطاب فى استاد القاهرة قبل اشتعال الأحداث بأيام بحجة نصرة القضية السورية فى وسيلة منه لإلهاء الشعب وتوجيه رسائل غير مباشرة للقوى المعارضة .

وبالفعل حضر الخطاب أنصار هذا الفصيل السياسى، وأخذ مرسى يوجه كلمات مفادها إعطاء فرصة للنظام الحالى لإجراء تغييرات وتوجيه طاقة شباب الثورة لنصرة القضايا العربية بدلا من الخروج ضده فى الشوارع والميادين، وأصدر مرسى يومها عدة قرارات فى صالح القضية السورية، ولكنها جاءت متأخرة كما رأى البعض قوتها من بينها قطع التعامل نهائيا مع النظام السورى وطرد سفيره من القاهرة، وخلال هذا الخطاب اصطحب مرسى معه الشيخ محمد عبد المقصود الذى أخذ يثنى على كلماته ويدعمها وبدأ حديثه عن الشيعة مكفراً إياهم حتى كانت النتيجة هى قتل أربعة من معتنقى هذا الفكر الدينى فى منطقة أبو النمرس بالجيزة، وجاء هذا الخطاب سلبياً على الشعب وشعر أن رسائل اعتراضه على النظام لم يتفهمها رئيسه الذى استغل القضية السورية ليوجه إشارات غير مباشرة للثوار الراغبين فى الخروج يوم 30 يونيو.

 “السيسى” يعلن عزل “مرسى” وتوليه رئيس الدستورية العليا شئون البلاد:

لن ينسى الشعب المصرى أنه استطاع خلال عامين فقط الإطاحة برئيسين بعدما كان واحدا منهم متمسكا بمقعد السلطة طوال 30 عاما، وسيتذكر المصريون جميعا كلما ذكر اسم الفريق أول عبد الفتاح السيسى، وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة أنه أول من انحاز لرغبات الشعب وسعى لتحقيقها بعدما خرجت الملاييين فى الشوارع والميادين مطالبين برحيل الرئيس السابق محمد مرسى وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

ونتيجة لفشل المفاوضات الكثيرة التى أجريت مع الرئيس السابق وإهدار فرصة للحوار مع القوى للوصول إلى حلول مرضية لجميع الأطراف، خرج الفريق أول عبد الفتاح السيسى فى 3 يوليو الماضى ليعلن للشعب عزل الرئيس السابق محمد مرسى، وتكليف رئيس المحكمة الدستورية العليا بإدارة شئون البلاد متمسكا بملامح خارطة الطريق التى اتفقت عليها القوى الوطنية المختلفة ليكتب بذلك سطرا جديدا فى سجل انحياز الجيش لصفوف شعبه.

9) ” السيسى ” يطلب تفويض الجيش والشرطة لمكافحة الإرهاب:

“اطلب منكم الخروج فى الشوارع والميادين يوم الجمعة المقبل، لتفويض الجيش والشرطة لمكافحة أعمال العنف والإرهاب ” هكذا جاءت كلمات الفريق أول عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة فى واحدا من أشهر خطاباته بعد 30 يونيو ، عندما طلب من الناس الخروج فى كافة الشوارع والميادين يوم الجمعة الموافق 26 يوليو الماضى لتفويض الجيش والشرطة بمكافحة الإرهاب .

وكان هذا الطلب قد سبقه تشكيك كبير من قبل القوى الغربية وزعم إن القوات المسلحة أخطأت للمسار الديمقراطى بعزلها لأول رئيس مدنى منتخب متجاهلة الأعداد الغفيرة التى خرجت مطالبة برحيله، وبناء عليه خرج الجميع ليبلغ الغرب رسالة مفاداهأ انه يساند قرار جيشه ويدعمه ويعطيه الصلاحية للقضاء على البؤر الإرهابية وأعمال العنف التى ستشهدها البلاد عقب 30 يونيو كنتيجة طبيعية لإزاحة فصيل سياسى هام.

التعليقات مغلقة.